الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012

رسوم الأطفال تعكس أهوال النزاع في سورية




ليس من المعتاد أن تكون مناظر الدبابات والقذئف والمدافع، ناهيك عن الوجوه والأيادي الملطخة بالدماء، من المناظر الشائعة في رسوم الأطفال.

ولكن، حدث مؤخراً أن أعطيت أوراقاً وأقلاماً لعدد من الأطفال السوريين الذين فروا من ديارهم واتخذوا لهم ملجأً في لبنان، فأظهرت رسومهم أن معظمهم قد شهدوا صنوفاً من الأهوال ما كان ينبغي أن يشهدها أي طفل.

وكان هؤلاء الأطفال وأهلهم ضمن 50 عائلةً وجدت لها ملاذاً في أحد المساجد ببلدة عرسال قرب الحدود مع سورية. وكان من شأن التدفق الكبير للفارين من أتون القتال أن يؤثر سلباً على بنية المرافق الصحية في المسجد.

وقد روى لي نجيب، وهو عامل زراعي من بلدة القُصير بالقرب من حمص، جانباً من حكايته. وكان قد وصل مع عائلته إلى بلدة عرسال قبل بضعة أسابيع، في منتصف أغسطس/آب 2012، فقال:
"عندما هاجم الجيش [السوري] القُصير، وقصف الحي الذي نعيش فيه، رأينا الجنود ببنادقهم ورشاشاتهم وهم يطلقون النار على الناس في الشوارع. أخذنا الأطفال ولذنا بالفرار. لم أكن أعرف إلى أين نذهب، فقد كنا نسمع أصوات الطلقات فنرتعد من الخوف. وصلنا إلى الحقول خارج المدينة وبقينا هناك 10 أيام مختبئين بين الأشجار. وكلما فكرت فيما حدث، يتملكني إحساس عميق بالحزن".

وعندما عبرت عائلة نجيب الحدود ووصلت إلى بلدة عرسال، لم يكن أمامها مكان تلوذ بها، فظلت العائلة تنام في الشوارع طيلة أسبوع، وفي نهاية المطاف قيل لهم إن بوسعهم أن يقيموا في قبو المسجد، الواقع تحت السلالم.

ويواصل نجيب حكايته قائلاً: "أنا مريض بمرض في الكبد. ولو كنت أستطيع أن أجد عملاً وأحصل على دخل لفعلت، ولكنني لا أستطيع. والحمد لله أن لدينا علاقات طيبة مع العائلات السورية الأخرى، فنحن نساعد بعضنا البعض. زوجتي حامل في شهرها السادس، وتحتاج إلى إجراء عملية ولادة قيصرية، وهي تكلف 800 ألف ليرة لبنانية (حوالي 530 دولار أمريكي)، وأنا لا أملك هذا المبلغ... لقد مضى حوالي عام ونصف العام منذ أن التحق أطفالي بالمدرسة، ولا أعرف أن كان من الممكن أن يلتحقوا بالمدرسة هنا، فقد قيل لنا إن علينا أن ننتظر. يُقال إن هناك منظمات غير حكومية تساعدنا، ولكننا لا نرى أية مساعدات قد وصلت".

وقد سُكنت بعض العائلات الأخرى التي فرت من سورية في مدارس كانت مغلقة بسبب العطلة الصيفية. ومع اقتراب بداية العام الدراسي الجديد، يُطلب من هذه العائلات الآن أن ترحل. ونظراً لتزايد الضغوط على المساكن في البلدة بسبب استمرار تدفق النازحين على البلاد، فليس من الواضح إلى أين يمكن أن يذهب هؤلاء، بالرغم من جهود بعض المنظمات المحلية والدولية لمساعدتهم.

وينبغي في هذا الصدد الإشادة بجهود الحكومة اللبنانية في استضافة الأعداد الكبيرة من النازحين القادمين عبر الحدود من سورية. وتفيد أحدث تقديرات "المفوضية العليا لشؤون اللاجئين" التابعة للأمم المتحدة بأن ما يقرب من 65 ألف شخص قد سُجلوا كلاجئين أو مازالوا ينتظرون التسجيل، وإن كان من المحتمل أن تكون الأعداد الحقيقية أعلى من ذلك.

ويتعين على المجتمع الدولي أن يبذل مزيداً من الجهود، بدافع من روح التضامن والمشاركة في المسؤولية، من أجل مساعدة لبنان والدول المجاورة، وذلك عن طريق تقديم المساعدات المالية المطلوبة بشكل عاجل فضلاً عن المساعدات الأخرى. فبحلول نهاية أغسطس/آب 2012، لم يكن المجتمع الدولي قد قدم سوى قرابة ثلث الأموال المطلوبة لمساعدة جهود "المفوضية العليا لشؤون اللاجئين" لمساعدة اللاجئين السوريين.

فبدون توفير الأموال اللازمة، سيظل هؤلاء الذين فروا من العنف في سورية يفتقروون إلى الحماية الملائمة ويعيشون في ظروف سيئة، وهو الأمر الذي يؤجج مشاعر السخط، بل والعنف أحياناً، كما حدث مؤخراً في مخيم الزعتري للاجئين بالأردن.

كما سيظل الأطفال يفتقرون إلى فرص الترفيه عن أنفسهم ونسيان الفظائع التي شهدوها، أو العودة إلى دراستهم التي تعرضت للانقطاع، أو الحصول على الدعم النفسي والاجتماعي.

وبالرغم من أن الأوراق والأقلام التي وفرها أحد الباحثين في مجال حقوق الإنسان قد تساعد على تخفيف حدة الملل الذي يشعر به هؤلاء الأطفال في محيطهم القاسي، فإنها لا يمكن أن تكون بديلاً عن المساعدات الدولية التي يحتاجها هؤلاء الأطفال وأهلهم أمس الحاجة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق