الأحد، 14 أكتوبر 2012

مجزرة سجن صيدنايا




لم يعلم السوريون ماذا حصل بدقة ليلة 2008/7/5 داخل زنازين هذا السجن المرعب، الذي طالما لفه الغموض شأنه شأن باقي السجون السياسية في سوريا الأسد. بقي الأمر أسير الإشاعات التي جرى تداولها بين الناس، فيما سارعت السلطات حينها إلى إصدار بيان رسمي وصفت فيه ما حدث في السجن بأنه «أعمال إثارة فوضى وإخلال بالنظام العام، قام بها عدد من المساجين المحكومين بجرائم التطرف والإرهاب، مما استدعى تدخل قوى حفظ النظام»، من دون أن يتطرق البيان إلى أي تفاصيل أخرى عن عدد الضحايا والمصابين من المعتقلين الذين قضوا برصاص قوات الأمن.

إلا أن الناجين من هذه المجزرة و الشهود العيان أكدوا أن ما حصل في ذلك الوقت كان مجزرة حقيقية نفذتها أجهزة الأمن السورية بحق المعتقلين الإسلاميين، الذين جرى استفزازهم وشتم معتقداتهم الدينية من قبل حراس السجن، مما أثار غضبا عارما بين صفوفهم أدى إلى حصول صدامات وفوضى قام على أثرها السجناء بأخذ بعض الحراس كرهائن للحفاظ على حياتهم، فما كان من النظام السوري إلا أن حسم أمره واقتحم السجن بأسلوب وحشي أدى إلى تصفية العشرات واختفاء ما يقارب المائة سجين.

لم يستطع أهالي السجناء، الذين تم قتلهم وإخفاؤهم قسرا، معرفة مصير أبنائهم في ذلك الوقت حتى تم إلغاء محكمة أمن الدولة في سوريا منذ مدة ليست ببعيدة، فأحيلت ملفات هؤلاء السجناء إلى القضاء الجنائي، ليعرف الأهل أي مصير بائس ناله أبناؤهم على يد الأمن السوري.

و بحسب شهادة أحد السجناء الناجين من هذه المجزرة ، فإن «عناصر الشرطة العسكرية داخل السجن أقدموا على تبديل أقفال جميع مهاجع السجن بأقفال أكبر يصعب كسرها أو فتحها. وفي صباح اليوم الباكر (2008/7/5) وصلت قوة تعزيز إضافية من الشرطة العسكرية تقدر بـ300 أو 400 شرطي بدأوا حملة تفتيش بطريقة استفزازية مهينة تخللتها مشادات كلامية مع المعتقلين السياسيين، ثم بدأوا في تصعيد الاستفزازات وقاموا بوضع نسخ المصحف الشريف الموجودة بحوزة المعتقلين السياسيين الإسلاميين على الأرض والدوس عليها أكثر من مرة، مما أثار احتجاج المعتقلين الإسلاميين الذين تدافعوا نحو الشرطة لاسترداد نسخ المصحف الشريف منهم». ويتابع «عندها، فتح عناصر الشرطة العسكرية النار، وقتلوا تسعة منهم على الفور وهم زكريا عفاش، محمد محاريش، محمود أبو راشد، عبد الباقي خطاب، أحمد شلق، خالد بلال، مؤيد العلي، مهند العمر، وخضر علوش».

وأدى ذلك على حد رواية السجين إلى أن «عمت الفوضى السجن، لا سيما أن المعتقلين تلقوا تهديدات بمجزرة على غرار مجزرة تدمر خلال الأسابيع الماضية، فبدأوا بخلع الأبواب على أقفالها، وخرجوا للتصدي للشرطة العسكرية التي فتحت عليهم النار مجددا. وأكد الشاهد أن «عدد المعتقلين الغاضبين كان أكثر بكثير من عدد الشرطة العسكرية، لذلك استطاعوا توقيفهم واتخذوهم رهائن مع مدير السجن وأربعة ضباط آخرين وخمسة برتبة مساعد أول، واستسلم جميع من بداخل السجن بعد أسر مدير السجن والضباط، لكن بقية كتيبة الشرطة العسكرية المرابطة حول السجن مع التعزيزات التي وصلتهم فورا قاموا بإطلاق القنابل المسيلة للدموع والقنابل الدخانية داخل السجن، فهرب المعتقلون إلى سطح السجن، وبقوا هناك حتى الساعة الثالثة بتوقيت دمشق».

وتابع الشاهد في وصف ما حصل بالإشارة إلى أنه «بدأت عملية تفاوض بين المعتقلين وقوات الأمن، فانتدب المعتقلون السجين سمير البحر (60 سنة) لنقل الرسائل المتبادلة بينهم وبين الأمن، وكان مطلب المعتقلين الوحيد هو الحصول على وعد قاطع بعدم قتلهم في حال استسلامهم، وقدموا على ذلك دليلا بحسن النية أنهم لم يستخدموا السلاح الذي وقع بأيديهم، وأنهم مسالمون، وأنهم احتجوا فقط على الإهانات والإساءات التي يتعرضون لها». وأضاف أن «السلطات رفضت من جهتها منحهم أي وعد بعدم قتلهم أو إيذائهم وطالبتهم بالاستسلام فورا وإطلاق الرهائن، ثم التحدث بعدها في باقي القضايا، وهددت باقتحام السجن في حال استمر الرفض، ودخوله بالقوة ولو أوقع ذلك ألف قتيل. وبعد أن أبلغهم البحر رفض المعتقلين، قاموا بضربه وأخذوه في سيارة مصفحة بعيدا عن السجن». وبقيت الأمور عالقة عند هذه النقطة بعد أن فقد الاتصال بالمصدر من داخل سجن صيدنايا إلى أن حصلت المجزرة على أيدي مجرمي النظام الأسدي الغاشم .

وهذه قائمة ببعض أسماء الشهداء الذين سقطوا على أيدي قوات النظام :

1- يحيى بندقجي: أصيب بطلق ناري في العضد مع رضوض
2- محمد أحمد عبد الفتاح: أصيب بطلق ناري في الساق مع رضوض
3- أنور حسين حمادة: أصيب بأذية عينيه مع رضوض
4- عبد الوهاب السعدي: أصيب برضوض في الرأس واليد اليمنى
5- صائب خالد عمر: أصيب برضوض في الرأس مع كدمات على الأطراف
6- حسن الجابري: أصيب بطلق ناري في الصدر
7- أحمد شلق: أصيب بطلق ناري في الصدر
8- مؤيد العلي: أصيب بطلق ناري في الرأس
9- زكريا عفش: أصيب بطلق ناري في الرأس والصدر
10- محمد عيد عيسى الأحمد: أصيب بطلق ناري في الرأس
11- عبد الباقي قطب: أصيب بطلق ناري في الرأس
12- حمدان درويش: أصيب بطلق ناري في الرأس
13- مهند العمر: أصيب بطلق ناري في الصدر
14- إحسان صالح عباس: أصيب بطلق ناري في الصدر
15- دحام جبران: أصيب بطلق ناري في البطن
16- محمد علي أبو راشد: أصيب بطلق ناري في الصدر
17- خضر علوش: أصيب بطلق ناري في الرأس
18- محمد مجاريش: أصيب بطلق ناري في الرأس
19- وائل الخوص: أصيب بطلق ناري في الرأس
20- عبد الكريم حفار: أصيب بطلق ناري في البطن
21- جمال الشويخ
22- الشبلي أبو عبيد
23- عامر السباعي
24- أمجد سليمان
25- نزار محمد رستناوي
26- عزو ياسين البلي

توثيق
المحامي ابراهيم الحاج علي
مدير المركز الدولي للدفاع عن حقوق الإنسان و الحريات العامة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق