الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

ICDHRF - على ليبيا أن تقوم بتسليم سيف الإسلام القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية

ICDHRF

تتهم المحكمة الجنائية الدولية سيف الإسلام القذافي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية تتضمن القتل العمد والاضطهاد
تتهم المحكمة الجنائية الدولية سيف الإسلام القذافي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية تتضمن القتل العمد والاضطهاد
© IMED LAMLOUM/AFP/Getty Images
إن إحالة هذه القضايا إلى دائرة الاتهام يجعلنا نقترب خطوة أخرى من بدء إجراءات محاكمة سيف الإسلام القذافي داخل ليبيا، وهو ما سوف يُعد بمثابة انتهاك للالتزام القانوني الدولي المترتب على ليبيا والقاضي بضرورة تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية
حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية
Wed, 18/09/2013
صرحت منظمة العفو الدولية أنه ينبغي على السلطاتالليبية أن تقوم بتسليم سيف الإسلام القذافي ومديرالمخابرات السابق عبد الله السنوسي للمحكمة الجنائية الدوليةعلى الفور. 

ولقد التقت المنظمة بكلا المحتجزيْن الأسبوع الماضي عشيةإحالة قضيتهما إلى دائرة الاتهام بمحكمة طرابلس يوم 19سبتمبر/ أيلول الجاري.  ويُذكر أن سيف الإسلام والسنوسيمطلوبيْن للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضدالإنسانية، بيد إن السلطات الليبية ما انفكت تصر علىمحاكمتهما داخل ليبيا. 

ولقد تمت إحالة قضيتهما إلى دائرة الاتهام رفقة 36 شخصا آخرا من المتهمين بارتكاب جرائم تتعلق بالنزاع المسلح.

وفي معرض تعليقها على الموضوع، قالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، حسيبة حاجصحراوي: "إن إحالة هذه القضايا إلى دائرة الاتهام يجعلنا نقترب خطوة أخرى من بدء إجراءات محاكمة سيف الإسلام القذافي داخلليبيا، وهو ما سوف يُعد بمثابة انتهاك للالتزام القانوني الدولي المترتب على ليبيا والقاضي بضرورة تسليمه إلى المحكمة الجنائيةالدولية".

وأردفت حاج صحراوي القول: "إننا نتفهم الأسباب التي تدفع السلطات إلى السير بالإجراءات بأسرع وقت ممكن ومحاكمة هؤلاء الأفرادداخل ليبيا.  ولكن إجراء مثل هذه المحاكمات داخل ليبيا في الوقت الراهن سوف لن يخدم العدالة؛ إذ يحتاج نظام العدالة الليبي إلىالترميم الكامل بشكل ملح.  وثمة بواعث قلق جدية حيال مدى قدرة السلطات الليبية على ضمان إجراء محاكمات عادلة في ظل عدماستقرار الوضع الأمني في البلاد".

وتابعت حاج صحراوي قائلة: "ينبغي تسليم الرجليْن إلى المحكمة الجنائية الدولية فوراً.  وفي الأثناء، يجدر بليبيا أن تركز علىتحسين الوضع الأمني في البلاد، وإعادة بناء نظام العدالة فيها بغية إنشاء محاكم ليبية منصفة ومحايدة كفيلة بضمان حقوق المشتبهبهم والضحايا والشهود كافة".

وتعتقد منظمة العفو الدولية أن تسليم كل من سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي إلى المحكمة الجنائية الدولية من شأنه أنيضمن محاسبتهما على ما اقترفاه من جرائم ارتُكبت إبان النزاع المسلح الذي دارت رحاه في ليبيا.  وغني عن القول أن إجراءمحاكمات عادلة هو أمر جوهري في فترات ما بعد النزاع، وذلك بغية التصدي لمسألة الإفلات من العقاب، وإحقاق العدالة لضحاياانتهاكات حقوق الإنسان ومخالفات أحكام القانون الإنساني التي ارتُكبت أنثاء النزاع المسلح، بما في ذلك عمليات القصف العشوائيوالإعدامات دون محاكمة والنزوح القسري غير المشروع والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. 

وأما ممارسات الاعتقال التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة والاختفاء القسري التي ترتكبها الميليشيات، بما فيها تلكالتي تخضع شكلياً لرقابة الدولة، فما انفكت تساهم في خلق مناخ يسوده انعدام القانون في ليبيا، وهو ما يجعل من إجراء محاكماتعادلة أمراً صعب المنال هناك.  إذ لا يزال المحامون والقضاة ووكلاء النيابة يتلقون تهديدات من لدن تلك المجموعات والميليشيات،بل وحتى من أفراد عائلات الضحايا وعامة الجمهور أحياناً.  ولقد اطلعت منظمة العفو الدولية على التفاصيل المتعلقة بما لايقل عنأربع حالات اغتيال ذهب ضحيتها قضاة، بالإضافة إلى حالات أخرى شهدت اختطاف محامين وترهيبهم.  

واختتمت حاج صحراوي تعليقها قائلةً: "إن التقاعس عن الامتثال لطلب المحكمة الجنائية الدولية ليبعث برسالة مقلقة حيال مدىجدية السلطات الليبية بالوفاء بتعهداتها إزاء حماية حقوق الإنسان واحترامها.  فلقد سبق للمجلس الوطني الانتقالي وأن رحب في عام2011 بقرار مجلس الأمن بإحالة ملف الأوضاع في ليبيا إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، وتعهد بالتعاون معها على إثرذلك".

وثمة ما يقرب من 8000 شخصاً يُحتجزون الآن في مختلف أنحاء ليبيا على خلفية تهم تتعلق بالنزاع المسلح الذي دار هناك.  ومازالت الغالبية الساحقة منهم تنتظر المحاكمة منذ ما يناهز العاميْن، وثمة العديد أيضاً ممن لم يتم عرضهم على المدعي العام أوالسماح لهم بالاتصال بالمحامين.  وتدعو منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي كي يهب إلى مساعدة ليبيا في إعادة بناء نظامهاالقضائي بغية ضمان إحقاق العدالة وإجراء محاكمات عادلة تشمل جميع المعنيين في مختلف أرجاء البلاد. 

وأما مجموعة المحتجزين الذين تمت إحالة قضيتهم للشروع بإجراءات ما قبل المحاكمة اعتباراً من 19 سبتمبر/ أيلول الجاري، فتضمرئيس وزراء نظام القذافي، البغدادي المحمودي، وعددا من كبار مسؤولي النظام سابقاً، وضباطاً سابقين في مختلف الأجهزة الأمنيةفي عهد القذافي.  ولدى منظمة العفو الدولية بواعث قلق حيال مدى قدرة الدولة على احترام حقوق المحتجزين الأساسية ومراعاتها.  

وعلى الرغم من حصول منظمة العفو الدولية على تصريح بلقاء سيف الإسلام القذافي في الزنتان بتاريخ 9 سبتمبر/ أيلول الجاري،إلا أن المنظمة لم تتمكن من إجراء مقابلة على انفراد معه.  وعلى نحو مشابه، فلم يُسمح للعفو الدولية بزيارة منشأة الحجز التييُحتجز سيف الإسلام فيها حالياً، ولا يمكن للمنظمة بالتالي أن تقيّم ظروف احتجازه بشكل وافٍ.

كما يعتري منظمة العفو الدولية القلق حيال استمرار احتجاز سيف الإسلام ما يقرب من سنتين في مكان سري بعهدة إحدى كتائبالزنتان المسلحة التابعة لوزارة الدفاع دون أن يُسمح له بالاتصال بمحامٍ، حيث يُحتجزهناك على خلفية تهم تتعلق بالنزاع المسلح.ويُذكر أن فترات الاحتجاز المطولة قد تعود بتبعات كارثية على صحة المحتجزين أو سلامتهم.

ولقد تمكنت منظمة العفو الدولية في 12 سبتمبر/ أيلول من اللقاء بعبد الله السونسي على انفراد، وذلك في سجن الهضبة الخضراءبطرابلس.  وعلى الرغم من مطالبه المتكررة، فلم يُسمح له الاتصال بمحامٍيه منذ أن قامت موريتانيا بتسليمه إلى ليبيا قبل أكثر منعام.  وتبين للمنظمة أن السنوسي قد مُنح ذات الحقوق الممنوحة لغيره من المحتجزين في ذلك السجن، بما في ذلك إمكانية التواصلمع محامٍ، والاتصال بالعالم الخارجي وغيره من المحتجزين، وتلقي الزيارات العائلية والاتصالات الهاتفية بشكل منتظم. 

كما التقت منظمة العفو الدولية بالبغدادي المحمودي في نفس السجن المذكور.  وقال المحمودي حينها أنه يلقى معاملة طيبة، وأنهيتمكن من الاتصال بمحاميه، بيد إن المنظمة قلقة مع ذلك من احتمال أن تؤدي محاكمته ومحاكمة غيره من المشتبه بهم على ذمةنفس القضية إلى فرض عقوبة الإعدام بحقهم.

خلفية 


عقب إحالة قضيتهم إلى دائرة الاتهام بمحكمة طرابلس في 19 سبتمبر/ أيلول، يُتهم المحتجزون الثمانية والثلاثون، ومن ضمنهم كلمن سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي، بارتكاب جرائم إبان النزاع المسلح الذي دار في عام 2011.  وتتضمن بعض التهمالانخراط في أنشطة بهدف التحريض على إشعال حرب أهلية في البلاد، والتسبب بتفتيت الوحدة الوطنية، والتحريض على عملياتاغتصاب واختطاف وحرمان من الحرية، وتشكيل جماعات مسلحة، واللجوء إلى العنف والتهديد لمنع الآخرين من التعبير عن آرائهمالسياسية، وارتكاب أفعال من قبيل القتل التعسفي والنهب والتخريب.  ويُذكر أن عقوبة بعض هذه التهم تصل إلى الإعدام.  

وبعد مراجعة القضية، فلدى دائرة الاتهام صلاحية رد القضية، والأمر بفتح تحقيق جديد، أو القيام بإحالتها إلى المحكمة المختصةشريطة توافر ما يكفي من الأدلة.  وبموجب أحكام القانون الليبي، تمثل دائرة الاتهام مرحلة ما قبل المحاكمة ضمن عملية التحقيق. 

سيف الإسلام القذافي


تتهم المحكمة الجنائية الدولية سيف الإسلام القذافي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية تتضمن القتل العمد والاضطهاد، وأصدرت بحقهمذكرة توقيف في 27 يونيو/ حزيران 2011 عقب قيام مجلس الأمن بإحالة الملف الليبي إلى المحكمة الجنائية الدولية بموجب القراررقم 1970 الصادر في عام 2011.  ولقد تمكنت إحدى كتائب الزنتان العاملة حينها تحت إمرة مجلس الزنتان العسكري من القبضعلى سيف الإسلام في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011.  وعلى الرغم من المناشدات التي أطلقتها منظمة العفو الدولية بضرورة تسليمسيف الإسلام إلى المحكمة الجنائية الدولية، فلقد عمدت السلطات الليبية في بادئ الأمر إلى تجاهل طلب التسليم الصادر عنالمحكمة.  وفي مايو/ أيار 2012، تقدمت الحكومة الليبية بطعن في مقبولية طلب التسليم زاعمة توافر القدرة والرغبة لديها فيمقاضاة سيف الإسلام أمام المحاكم الليبية.  وبناء على الطعن المذكور، قامت المحكمة الجنائية الدولية بتعليق طلب تسليم سيفالإسلام إليها – وذلك عملاً بأحكام المادة 95 من نظام روما الأساسي – بانتظار البت في نتيجة الطعن المقدم. 

وفي يونيو/ حزيران 2012، تم احتجاز أعضاء وفد المحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى محامي سيف الإسلام، مدة ثلاثة أسابيعأثناء زيارتهم له في الزنتان، وذلك بزعم ارتكابهم مخالفات جنائية أثناء اللقاء مع سيف الإسلام.  وفي مايو/ أيار، رفضت الدائرةالتمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية طلب الحكومة الليبية بأن تقوم الأخيرة بمقاضاة سيف الإسلام القذافي أمام المحاكم الليبية،وخلُصت إلى أن ليبيا قد أخفقت في أن تبرهن على قدرتها الجدية في التحقيق مع سيف الإسلام ومقاضاته. 

وركزت الدائرة التمهيدية في قرارها برفض الطلب الليبي على عدم قدرة سلطات الحكومة المركزية على استلامه من كتائب الزنتان،إضافة إلى عدم قدرتها على الحصول على الأدلة، وخصوصاً تلك المتوافرة لدى الشهود الذين تعرضوا للتعذيب في الحجز على أيديالميليشيات، علاوة على الإشارة إلى تقاعسها عن تعيين محامٍ للدفاع عنه.  ولقد قررت المحكمة الجنائية الدولية أن ليبيا ملزمة بالتاليبتسليم سيف الإسلام القذافي الآن، حتى وإن كان الاستئناف الذي تقدمت به  ليبيا ضد قرار المحكمة لم يُبت فيه بعد.

ولا زال سيف الإسلام القذافي محتجزا في موقع سري في الزنتان.  وتصر الحكومة على أنه محتجز تحت رقابة الضابطة (الشرطة)العدلية والنيابة العامة الليبية، وأن كتيبة الزنتان التابعة لوزارة الدفاع قد كُلفت بهمة ضمان أمنه.  ولقد التقت منظمة العفو الدوليةبقائد الكتيبة في الزنتان بتاريخ 12 سبتمبر/ أيلول قبيل لقائها مع سيف الإسلام، ولكن لم يُسمح للمنظمة بزيارة منشأة الحجز التييتواجد فيها، وليس بوسع المنظمة بالتالي أن تؤكد وجود (ضابطة) شرطة عدلية هناك من عدمه.  ولقد عجزت الحكومة عن تأمينعملية نقل سيف الإسلام ووضعه في عهدة الدولة بطرابلس، وهو ما دأبت على المطالبة بالقيام به منذ يناير/ كانون الثاني 2012. وفي يونيو/ حزيران 2013، قدمت الحكومة أحدث طلب مماثل لنقله إلى طرابلس.

عبدالله السنوسي


تسند المحكمة الجنائية الدولية إلى عبد الله السنوسي تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية تتضمن القتل العمد والاضطهاد؛ ولقد أصدرتمذكرة توقيف بحقه في 27 يونيو/ حزيران 2011 في أعقاب قيام مجلس الأمن بإحالة الملف الليبي إلى المحكمة الجنائية الدوليةبموجب قرار رقم 1970 الصادر عام 2011.  ولقد أُلقي القبض على السنوسي في موريتانيا في مارس/ آذار 2012.  وعلى الرغممن مناشدة منظمة العفو الدولية للحكومة الموريتانية مرارا وتكرارا بتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، فلقد تم آثرت تسليمه إلى ليبيا فيسبتمبر/ أيلول 2012.  وبعد تسليمه، حثت منظمة العفو الدولية الحكومة الليبية على أن تقوم بتسليم السنوسي إلى المحكمةالجنائية الدولية، بيد إنها لم تستجب.  وفي أبريل/ نيسان 2013، تقدمت ليبيا بطعن في مقبولية تسليمه على صعيد قضيته.  وفييونيو/ حزيران 2013، قررت الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية تعليق طلب التسليم بانتظار صدور قرار في الطعن بمقبوليةالتسليم.  ولا زال طلب ليبيا بمقاضاة عبد الله السنوسي في محاكمها قيد النظر في المحكمة الجنائية الدولية.  ويُحتجز عبد اللهالسنوسي الآن في سجن الهضبة الخضراء بطرابلس.  ولم يُسمح له بالاتصال بمحاميه منذ نقله إلى عهدة السلطات الليبية.  ولقدحظي بزيارة عائلية مرتين فقط منذ بدء فترة احتجازه في ليبيا، على الرغم من تصاريح الزيارات تصدر بواقع مرة واحدة شهريا.  ولقداعترفت إدارة السجن لمنظمة العفو الدولية أن اتصال عبد الله السنوسي بالعالم الخارجي جدُّ محدود، وذلك لدواعٍ أمنية حسب قولها.  

ويترتب على لبييا التزام قانوني يقتضي منها التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وذلك عملاً بالقرار رقم 1970 الصادر عن مجلسالأمن التابع للأمم المتحدة.

البغدادي المحمودي


عارضت منظمة العفو الدولية قيام تونس بتسليم البغدادي المحمودي إلى ليبيا في عام 2012، خشية تعرضه للتعذيب وغيره منضروب سوء المعاملة، وخضوعه لمحاكمة جائرة يُحتمل أن تُفرض بموجبها عقوبة الإعدام بحقه، أو حتى احتمال إعدامه خارج إطارالقضاء.  وعلى الرغم من أن البغدادي المحمودي قد أخبر وفد منظمة العفو الدولية الذي زاره والتقى به بتاريخ 12 سبتمبر/ أيلول فيسجن الهضبة الخضراء بطرابلس أنه يلقى معاملة حسنة وأنه على اتصال بمحاميه، فتظل المنظمة قلقة مع ذلك حيال احتمالاتحصوله على محاكمة عادلة من عدمها، واحتمال فرض عقوبة الإعدام بحقه. 

متابعة المحامي ابراهيم الحاج علي
رئيس المركز الدولي للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة - ICDHRF

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق